دخلت أزمة الكهرباء في العراق مرحلة أكثر تعقيدًا مع الإعلان الرسمي عن التوقف الكامل لإمدادات الغاز الإيراني، اليوم، ما أحدث ضغطًا مباشرًا على منظومة الإنتاج الكهربائي وأعاد إلى الواجهة ملف الاعتماد الخارجي المزمن في تأمين الوقود لمحطات التوليد.
أزمة الكهرباء في العراق
وأفادت وزارة الكهرباء العراقية، بأن انقطاع الغاز المستورد تسبب في خسارة تتراوح بين أربعة آلاف وأربعة آلاف وخمسمئة ميغاواط من القدرة الإنتاجية، نتيجة خروج عدد من الوحدات التوليدية عن الخدمة واضطرار وحدات أخرى إلى العمل بأحمال جزئية، الأمر الذي انعكس على ساعات التجهيز في عدد من المحافظات، مشيرًة إلى أن هذا التطور جاء بعد إخطار رسمي من الجانب الإيراني بتوقف الضخ بشكل كامل لأسباب طارئة، ما استدعى تفعيل إجراءات عاجلة للحد من تداعيات الأزمة.
وسارعت الحكومة إلى التحرك لاحتواء الموقف، حيث لجأت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة النفط إلى تشغيل محطات التوليد باستخدام الوقود البديل المحلي، في محاولة للحفاظ على استقرار الشبكة وتقليل حجم الفاقد في الإنتاج.

وأكدت الكهرباء أن المنظومة لا تزال تحت السيطرة رغم التأثر الجزئي لبعض المحطات، مشددة على أن العمل جارٍ لإدارة الأحمال وضمان استمرارية التجهيز ضمن الإمكانات المتاحة.
وتأتي هذه التطورات في سياق أزمة مزمنة يعاني منها العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث لا يزال العجز في إنتاج الطاقة الكهربائية أحد أبرز التحديات الخدمية، ويعتمد العراق على استيراد الكهرباء والغاز من إيران بنسبة تصل إلى نحو أربعين في المئة من احتياجاته، في وقت تواجه فيه بغداد صعوبات في سداد مستحقات هذه الواردات بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
حجم إنتاج العراق من الكهرباء
وبحسب بيانات رسمية، يبلغ إنتاج العراق من الكهرباء نحو ثمانية وعشرين ألف ميغاواط، بينما تصل الحاجة الفعلية خلال أوقات الذروة إلى قرابة خمسين ألف ميغاواط، ما يفسر استمرار فجوة العرض والطلب. هذا الواقع يجعل أي اضطراب في إمدادات الوقود المستورد عاملًا مؤثرًا بشكل مباشر على استقرار المنظومة الكهربائية.
وخلال الأشهر الماضية، تصاعدت حدة الأزمة مع تراجع إمدادات الغاز الإيراني منذ أواخر أكتوبر، وهو ما ترك آثارًا واضحة على قطاع الطاقة، وكان وزير الكهرباء زياد علي فاضل قد كشف في تصريحات سابقة أن الاتفاق الموقع مع إيران لتوريد الغاز، والممتد لخمس سنوات، ينص على تزويد العراق بنحو خمسين مليون متر مكعب يوميًا، إلا أن الكميات التي وصلت فعليًا لم تتجاوز في بعض الفترات خمسة عشر مليون متر مكعب يوميًا، ما أدى إلى خسارة نحو سبعة آلاف ميغاواط من الطاقة الكهربائية.
وفي مواجهة هذا الواقع، تكثف الحكومة العراقية جهودها لزيادة الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الطاقة. ففي نهاية مايو الماضي، عقد وزير الكهرباء اجتماعًا مع مسؤولي شركة جنرال إلكتريك فيرنوفا الأميركية، لبحث مشاريع تستهدف إضافة طاقات إنتاجية تصل إلى أربعة وعشرين ألف ميغاواط، ضمن مذكرة تفاهم استراتيجية تهدف إلى تطوير البنية التحتية لقطاع الكهرباء.
كما أعلنت وزارة الكهرباء عن خطوات متقدمة لاستيراد الغاز من تركمانستان، مؤكدة أن تأخير إبرام العقد يعود إلى أسباب فنية وتعاقدية، مع الإشارة إلى قرب إعلان النتائج النهائية للمفاوضات.


















